08:59, PM 22-11-2024
|
#1
|
فلسطيني حـر
|
إصبع عوج بن عناق!
مدونة غلا الروح
يبدو الوصف التوراتيلعوج بن عناق، إلى أبعد حدود الفانتازيا الأدبيَّة، عن من يضع يده في الماء،فيلتقط، بكل بساطة، حوتًا، ويرفع ليشويه في الشمس، ويزدرده، ثم يعترض أيَّة غيمةمارة، فيعصرها ليبل ريقه، ويهضم ما أكله، أو ربّما الأصح ما ابتلعه. حكاية عوج بنعناق فيها تفاصيل عديدة، يمكن للمهتم أن يبحث عنها، بطريقته، في الكتب المقدسة(العهد القديم، مثلًا) وتفاسيرها (تفسير القرطبي للقرآن الكريم، مثلًا)
عوج هو واحد من القومالجبارين، الذين طالما افتخر بهم الرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي اختط تأويلًاخاصًا لآيات قرآنية، استجابة لتحدي واقع الاستعمار الإسرائيليِّ، لا شك أنه(التأويل) مثير للجدل. لا أعرف إذا كان يشير إلى ضعف فهم الرئيس الراحل، للقرآنالكريم، أم أنّه فقط استجابة العقل العرفاني العربي لتحديات استعمار حديث، مدعوممن أكبر إمبريالية في التاريخ؟
في منطقة المسكوبيةفي القدس، عثر في عام 1871م، على عمود حجري مثير، طوله نحو 12 مترًا، ومتوسط قطره1.75 مترًا، ويقدر وزنه بنحو ستين طنًا، ولم يكن بالنسبة لعلم الآثار التوراتي سوىإصبع العملاق عوج، ملك باشان. من كشف عن هذا العمود هم المقاولون الروس، ويقع الآنقبالة كنيسة الثالوث الأقدس، وعندما ظهرت دلائل على وجود آثار في الموقع، حُفرتثلاثة خنادق، مما أتاح تقدير الأبعاد الهائلة للعمود غير المكتمل، والذي لا يزاليقع في قاع المحجر الذي قُطع منه.
ذكر العمودالدبلوماسي والأثري والمستشرق الفرنسي تشارلز كليرمون جنو (19 فبراير 1846 - 15فبراير، 1923)، والذي يعتبر من أبرز علماء الآثار الذين اختصوا بأرض فلسطين فيالقرن التاسع عشر.
افترض جنو، المشبَّعبالفهم التوراتي لتاريخ فلسطين بناءً على أبعاد العمود، أنَّه حُفر، ليكون بمثابةحج في الهيكل الثاني في زمن هيرودس، وأنَّه بقي في المحجر لأنّه تضرر أثناء العملبه. استند في تقييمه إلى وصف الهيكل من قبل يوسف بن متتياهو. الأمر كان منطقيًاأكثر لدى عالم الآثار الإسرائيليِّ يورام تسافرير، الذي اقترح أن الهدف من نحتالعمود، للاستخدام في بناء كنيسة نيا البيزنطية، التي يقسمها الآن آخر سور للقدسالذي بناه العثمانيُّون، وتظهر في خارطة مادبا الفسيفسائية، وهذا التأويل يتناسبمع تخصص تسافرير، في التأثير البيزنطي على المعابد القديمة، والديموغرافيا لفلسطينفي الفترة البيزنطية.
يعتقد تسافرير، حدوثتصدع أثناء العمل، وهذا ما يرجح ترك العمود، في موقعه الحالي، ودعم تأويله بوجودمقلع قديم في الموقع من فترة الهيكل الثاني، والمقصود بالطبع الفترة الرومانيةالمبكرة في فلسطين. ليس "إصبع عوج" هذا فريدًا، ففي القدس، عثر علىعمودين شبيهين إلى الغرب منه، في لفتا الفوقا (حي محانيه يهودا الآن)، ولكنهماأُخفيا تحت البناء الحضري في المدينة.
في داخل معتقل المسكوبية،يقبع الأسرى الذين افترض عرفات أنَّهم من جماعة عوج بن عناق الجباري، ولكنهم ضعفاءيتعرضون للتعذيب وأحيانًا للقتل، بينما إصبع "جدهم" يتمدد خارجًامحافظًا عليه.
في سِفر العدد تفاصيلبالأسماء والوقائع، وفي سورة المائدة، وصف لدخول بني إسرائيل، فلسطين، والنقاش بينموسى ورفاقه، بعد تحذيرهم من القوم الجبارين، وحسم الجدل من قبل الجاسوسيين الذيندخلا فلسطين:
-يوشع بن نون، الذيسينظر إليه كنبي مبجَّل، في التراث الإسلاميِّ، وستبنى له المقامات على ضفتي نهرالأردن، وقرى تحمل اسمه، منها قرية أشوع، غرب القدس، التي تحوّل أهلها إلى لاجئينمنذ النكبة. وقرية باسمه فلسطينية-لبنانيَّة نكبو ناسها أيضًا، وكانت محج لأبناءالطائفة الشيعيَّة الكريمة، فمكانة علي بن أبي طالب بالنسبة للنبي العربي الكريم، لهامثيل مع مكانة يوشع بالنسبة للني موسى.
-كالب بن يفنه، المخلَّدفي تراث الفلّاحين الفلسطينيّين، في عين أبو كليبة في قرية نحالين، ولن يجدمستوطنو مجمع عتصيون الاستيطاني، جنوب القدس، الذين سيطروا على العين، بقوة الحديدوالنَّار، صعوبة في نسبتها إلى كالب بن يفنه، معتقدين أنَّ تراث الفلّاحينالفلسطينيّين الطويل المتوارث، والذين غيروا دينهم عدة مرات، حفظوا اسم الجاسوسالمقدَّس، رغم تصحيفه الخفيف.
وفي رأس العد في واديالبيار، من حيث شُقت قنوات لتشرب القدس، تعاني عائلة أبو شما من قرية الخضر منالعدوان الاستيطاني الذي يروج الموقع باعتباره المكان الذي عثر فيه يوشع وكالب علىقطف عنب ضخم، فعلقاه على عصا، وحملاه على كتفيهما، ومن هذا التخيّل، اشتق شعارالسياحة الإسرائيليَّة.
أكد الجاسوسان، أنَّهيمكن لفئة مؤمنة قليلة، التغلُّب، بدعم من الرب، على فئة معادية حتّى لو كانت منطويلي الأعناق الجبَّارين، أحفاد عناق، ابنة آدم التي ألصقت بها عدة أوصاف، أجل عنذكرها هنا.
تفصيل من سورةالمائدة: "أ يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَاللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ(21) قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَننَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّادَاخِلُونَ (22) قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُعَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْغَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (23). وفيتفسير الطبري، أكثر من تفاصيل.
"يا ناصر السبعةعلى السبعين"-تصبح قانوناً، وشعرًا شعبويًا.
سيتحقق النصرالإسلامي الأوَّل، من قبل الفئة القليلة العدد، المؤيدة من الله، على الفئة المكيةالكافرة الكثيرة العدد والعتاد، في شهر آذار 624م، في معركة بدر.
واضح أن القرآنالكريم، لا يتعاطف مع القوم الجبَّارين، هذا الوصف تعويض تأويلي ديني مناسبللمهزومين، متبنى من عرفات؛ رمز لحركة المقاومة الفلسطينيَّة المعاصرة، استخدمه،على الأرجح، في أُفولها. سيتغلَّب النبي موسى، على عوج من القوم الجبَّارين، فيحكاية عجائبية هي الأخرى، ولكنّها مباركة.
لماذا يجب علىالفلسطينيّين، أن ينتسبوا للقوم الجبَّارين، أو القوم الذين وعدهم الله، بالأرضالمقدَّسة؟ فلسطين في القرآن هي: "وَأَوْرَثْنَا القوم الذين كَانُواْيُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأرض وَمَغَارِبَهَا التي بَارَكْنَا فِيهَا"-سورة الأعراف: 137. "كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيإِسْرَائِيلَ"-سورة الشعراء: 59 "وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَىالَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُالْوَارِثِي نَ"-سورة القصص: 5
يتبنى عرفات تأويلًا،للآية التي تتحدَّث عن بني إسرائيل، قاصدًا الشعب الفلسطينيِّ، ولم يكن يخلوخطابًا له، في سنواته الأخيرة من ترداده لهذه الآية.
#أثار_القدس
#أساطير_الأولين_في_فلسطين
#أسامة_العيسةمدونة غلا الروح |
|
✿ |
|