06:59, PM 20-11-2024
|
#1
|
فلسطيني حـر
|
حربي النُوري!
مدونة غلا الروح
تفقَّر قاموس أميالتشبيهي، بعد النكبة، منذ توقفها قسريًا، عن أن تظل فلَّاحة، باستثناء تشبيهات،أصبحت، إذا أخذنا بمعايير شيخنا الجرجاني، مبتذلة. أشهرها الوصف الَّذي تحاول،إضفاء جرعات دراماتيكية عليه ليشعر الولد النحيل، بعقدة ذنب:
-عصبانك، مثل عصبانأبو سعد!
كانت ترى ذلك الطيرالحزين، في سهوبنا الممتدة، في أيَّام الخير، يلقِّط رزقه، مما يخلفه الفلَّاحون،ومناجل الفلَّاحات، أيَّام الحصاد. سهل قريتنا واسع وممتد، يغذيه نبع الماء المسمىالبئر السفلاني، أمضيت فترة العام الماضي في اكتشافه، يستغل المحتلون الآن سهلقريتنا، بجلب عمالة أسيوية لزراعته.
كانت الواحدة منهن، تحصد، في أيام المخاض. روتلنا الأمهات، حكايات البطولة في ولادة الحاصدة، وهي في السهوب، تدفع للدنيا، مخلوقًاجديدًا، وهي تقطع الحبل الذي يربط الجنين بعالم ما ورائي، وقد تعود للحصيدة منجديد!
استعانت اللاجئات، بتشبيهاتما بعد النكبة، من التشبيهات الأثيرة في مخيمنا، أن تقول الأم لأبنها المشرتح:
-شكلك مثل حربي النُوري!
أكاد أسمع الآنتشبيهات نوريات مخيمنا، يؤنبن أولادهن:
*صرتم مثل أولاداللاجئين، لا مظهر، ولا محضر!
لا أعرف ما هو مصيرحربي النُوري، الذي قطن، قبالة المخيم، يفصله عنه شارع القدس-الخليل. عمل في سَنالسكاكين، والحدادة. جزء من النور، الذين يسمون في مصر: غجر، وفي سوريا: قرباط. عملوا حدَّادين. في عام 1806مبدأ الرحالة سيتزن بدراسة لغة نَوَر فلسطين، ونشر نتائجه عام 1854م. بدأ من نَوَر نابلس الذين يعملونحدَّادين، وواصل إلى القدس. نجح سيتزن في إعداد معجم نَوَري شمل أجزاء الجسد، والطعام،والمناظر الطبيعيَّة، والحيوانات، والنباتات، والفواكه، ومصطلحات الزمن، والموادالخام، والإنسان والأعداد. لاحظ سيتزن تأثر لغة نور فلسطين باللغة العربيَّة، وقربقواعدها من اللعة السنسكريتية. في بداية الألفية الجديدة، حلَّل ماتراس لغة غجرالقدس، ساعد ذلك، وفق الكساندرا بارس صاحبة كتاب: الغجر في مصر المعاصرة (المركزالقومي للترجمة 2023م)، في جعل غجر القدس موضوعا ملموسًا للدراسة. لكن بالنسبةلناسنا، فأصغوا إلى ما يمكن أن ينتجه نور بلادنا من معرفة.
لم يكن التعريض، بالنَّوَر، من قبل اللاجئات،يُظهر دائمًا تعاليًا، حتَّى لو كان هشًا. أذكر عندما كانت تسمع الموسيقي جميلالعاص، من الإذاعة الأردنيَّة، تهمس مبتسمة:
-هذا من نَوَر واديالجوز، صار النَّوَر وتصوَّروا!
أستمعت، علىاليوتيوب، لشهادة الكاتب الراحل رسميِّ أبو علي، عن نكبة قريته المالحة، قائلًا،إن جميل العاص من نَوَر قريتهم. يعزى لعمر الصالح البرغوثي اكتشاف العاص الَّذيعمل في مكتبه، لكنَّني لم أجد في مذكراته الضخمة التي صدرت بعنوان المراحل، ومُنعتفي عمَّان، إشارة لذلك.
اشتهر العاص، ببزقه،وتجنده، في تشكيل الجانب الموسيقي في الهوية الأردنيَّة. يقول في لقاء مع المذيعحكمت وهبي عام 1985م، إن النَّوَر هم من أدخلوا البزق إلى بلاد الشام، وهم يتنقلونمرتحلين في بادية الشام. أشهر ألحان العاص، أغنية يا طير يا طاير، التي اشتهرتعربيًا، عندما أدَّاها محمد منير، ولكنَّها مبتسرة، أقل ثراءً من اللحن الغجريِّللعاص.
لا تبدو الأغنية،أنها تمد نسبًا للفلكلور الفلسطينيَّ أو الأردنيِّ، كأغنية يما مويل الهوا، التيأدَّاها منير أيضًا، ولم أجد لها أصلًا فيما جمعه روَّاد الفلكلور الفلسطينيِّ خلالفترة الانتداب. يؤدي العاص الأغنية الشجية، وهو يتراقص، ملوحًا ببزقه، كأنّه راقصفلامنكو وحوله فتيات يرقصن مطوحات شعورهن الطويلة، فاردًا يديه، كأنَّه يحاولأمساك صدى الغجر الأسبان، وحزن لوركا، عندما لم يعد يرى الغجر يصعدون التلال!
#قرية_زكريا
#مخيم_الدهيشة
#جميل_العاص
#أسامة_العيسةمدونة غلا الروح |
|
✿ |
|