08:02, PM 16-01-2024
|
#1
|
فلسطيني حـر
|
لا تخبروا الأمهات!
مدونة غلا الروح
عندمايضع أركادي، الشرطي الرُّوسِيّ، كيس الخَيْش الممعوس بولًا، على رأس المعتقلالمشبوح في ساحة معتقل المسكوبية، قد لا تروقه نسبة شعور الأسير بالاختناق، فيضعكيسًا آخر، ليختبر بنفسه مأزق الأسير، مع الصِنَّة، وانخلاع الكتفين، مع كلبشتهخلف ظهره.
فيحَمّ الظَّهيرة، يتمنى الأسير، لو أنَّه اعتقل في الشِّتَاءِ، وهو يغالب رائحة الخَيْشالمُصِنّ النفَّاذة، والغثيان، وعدم القدرة حتى على فتح الفم للاستفراغ. إذا اعتقلالأسير في الشتاء، لا يتعايش سريعًا مع صِنَّة الخَيْش، ولكن حواسه يشدَّها البردالذي يرطم الجسد، وينخر العظام، فيقدحها، ويُجوِّرها، في ألمٍ غير متناه، ولانهاية له. قد يسوء الوضع، إذا قرَّر أركادي، بتوصية المخابرات، وضعه تحت مزراب مطرالقدس.
تستقرفي جسد صديقي نضال عفانة، شظايا حديد، بقايا رصاصات، من الانتفاضة الأولى، اختبرتمعاناته من البرد حتى في أشهر الصيف، البرد في جبال القدس، يستمر في ليالي حزيرانوتموز، وفي النصف الثاني من آب، عندما يتخلق الغيم، مع عيد مار الياس.
صعدتونضال، من حقل الرعاة في بيت ساحور، إلى بيت لحم المتلتلة على تلة، ضربَ البردُ،الحديدَ في جسده، مع وصولنا الفندق الرُّوسِيّ، في ليلة صيف.
نضالالآن في معتقل النقب، الذي يتعرض فيه الأسرى إلى أكبر حملة قمع وتعذيب منذ فترةالاحتلال الأولى، ربما فاقتها، وصلتني تحياته من مُحرَّر، يمضي نضال وقته منكمشًا،يسكن في برد الصحراء.
يتصلبنا المُحَرَّرون، لينقلوا أوضاع أحبائنا الأسرى. يقولون لنا: طبعًا لا تخبرواالأمهات، لديهم تأكد من قدرتنا الرجولية، ليس فقط على الاحتمال، وأيضا كتمانالأسرار القاتلة. لكن الأمهات يعرفن بقلوبهن.
فيالمرة الأخيرة، التي تحرَّر من المعتقل، وجد مشروعه الصغير في عناتا، مدمرًا. بدأمن جديد. تعوَّد نضال، في عمره القصير، البدء، دائمًا، من جديد.
نضالرجل ورد، صديق، وناشط ثقافي، وشبابي، ومشاغب، وعنيد! يغمر أصدقاءه وردًا وحنانا!
ياصديقي المنكمش، المتكوِّر، اتقاء البرد الصحراويِّ، أضفت حرامًا ثالثًا لفراشي. أشعربالخيانة اعذرني!
#معتقل_النقب
#نضال_عفانةمدونة غلا الروح |
|
✿ |
|