إنتشر الإعتقاد بالساحرات فى أوروبا في العصور الوسطى و وصل لحالة هوس و هيستيريا فى القرنين ال16 و ال17 بفضل دعايات الكنيسه و ترويجها للموضوع على نطاق واسع و كانت النتيجه إعدام أعداد ضخمه من النساء عن طريق التعذيب و الحرق فى نواحي أوروبا .
تعتبر سجلات السحر في أنجلترا فصلاً سوداوياً ، حيث كانت تعتبر مزاولة السحر والشعوذة جريمة من قيل الإكليروس "رجال الدين المسيحي" لأنها تستدعي الشيطان ، ويقدر عدد الأحكام القضائية التي تتناول مزاولة السحر في إنجلترا وحدها وخلال 200 سنة فقط ، حوالي 30,000 حكماً ، كان “ماثيو هوبكينز” يلقب بـ "متعقب أثر السحرة" وساعد لوحده في القبض على أكثر من مئة ساحر في أسيكس ونورفلوك وسفولك وإصدار أحكام قضائية بحقهم بدءاً من عام 1645 وعلى مدى 7 سنوات ، وفي عام 1664 أحرق السير "ماثيو هيل" شخصين متهمين بممارسة الشعوذة ، وفي عام 1676 أعدم 17 أو 18 شخصاً حرقاً في سان أوسيث في إسيكس ، وأعدم إثنين بمزاولة السحر في 1705 في نورثامبتون ، وفي عام 1716 أعدمت كلاً من السيدة هيكز وإبنتها البالغة من العمر 9 سنوات فقط شنقاً في هنتينغدون مع أن الأمر مشكوك فيه ، أما عام 1712 فقد شهد آخر محاكمة حقيقية للسحرة في إنجلترا وهكذا طويت تلك الصفحة من سجل التاريخ .
وعلى الرغم من أن جميع الوثائق تبدأ من إنجلترا أوروبا ، إلا أن السحر كان منتشرا بأفريقيا وجنوب أمريكا مثل المكسيك والبرازيل بكثرة وكانوا المشعوذون هم المسطيرون إلا أنه بسبب أمية الشعب لا توجد وثائق تؤرخ تاريخهم ، ولكن معظم مواصفات الساحرات التي تعرفونها الآن مثل قدرتهن على الطيران وإستخدام المكنسة لفعل ذلك ، و أيضا القدر الدائري الذي يستعملونهن في خلطات السحر جميعها من أحاديث وأقوال المعاصرين لتلك الفترة وقد تكون من وحي خيالهم او حقيقة حيث أنه لا يوجد إثبات .
مشعوذات جزيرة غيرنسي :
في الرابع من شهر يوليو من عام 1617 شهدت جزيرة غيرنسي إحدى أكبر جزر القنال الإنجليزي محاكمة ثلاث نساء أتهمن بممارسة السحر والشعوذة المحظورة قانونياً ، تلك الممارسة المحرمة وفقاً للمعتقدات المسيحية المبنية بشكل رئيسي على مقولة وردت في الكتاب المقدس بعهده القديم وهي :”لا تدع ساحرة تعيش”- سفر الخروج – الإصحاح الثاني 22-18 ، وفي عام 2005 قام المؤلف "جون بيتس" بنشر كتاب بعنوان "السحر والمعتقدات الشيطانية في جزر القنال" وهو يسرد حرفياً ما جاء في الوثائق الرسمية للمحكمة الملكية في جزيرة غيرسني من نصوص إعترافات ، آنذاك كان جيمس الأول ملكاً على بريطانيا ، تضمن الكتاب أيضاً مقدمة تاريخية عن الشعوذة وممارستها قديماً في دول أوروبا خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر ، في تلك الأزمنة كان ينفذ في السحرة حكم الإعدام حيث كان الكثير منهم ينال مصيره حرقاً على أعواد الخشب وهو على قيد الحياة Burn Alive on Stakes .
المحاكمة :
موقع جزيرة غيرنسي التي شهدت محاكمة نساء أتهمن بممارسة السحر والشعوذة ، قبض على ثلاث نساء هن : “كوليت دي مونت” وابنتها ”ماري” و “إيزابيل بيكيت” بتهمة مزاولة السحر والشعوذة وبعد عدة جلسات إستماع من المحكمة إنعقدت المحكمة في 4 يوليو ، 1617 للنطق بالحكم .
حكم الإعدام :
ورد في بيان المحكمة أمام القس كارتيرت والسادة بايليف وجوراتس ما يلي : "إنتشرت الشائعات حول “كوليت دي مونت” أرملة “جان بيكيت” وابنتها “ماري” زوجة “بيير ماسي” و “إيزابيل بيكيت” زوجة “جان لي مويجن” وكذلك تقارير تتحدث عن مزاولتهن السحر والشعوذة لزمن طويل في الماضي وإدمانهم لذلك الفن الملعون من الشعوذة ، و إتضح بالدليل أن النسوة المذكورات آنفاً قد مارسن الفنون الشيطانية في الشعوذة ليس فقط من خلال إلقاء تعاويذهن السحرية على الأجسام الجامدة ولكن أيضاًَ في إستمرارهن في بث الوهن والأمراض الغريبة في العديد من الأشخاص ووحوش البرية ، والتسبب في إيذاء عدد كبير من الرجال والنساء والأطفال بكل قسوة وكذلك قتلهم للعديد من الحيوانات ، وللتكفير عن ما إقترفوه فقد تم الحكم عليهم بالإعدام شنقا ثم الحرق حتى تتحول لحومهن وعظامهن لرماد وكذلك حرق بيوتهم .
وتذكر الحقائق أنه بعد النطق بالحكم مباشرة وقبل مغادرتها لقاعة المحكمة إعترفت "كوليت دو مونت" طواعية بأنها مشعوذة ، ولما نقلوها مع الأخريات إلى حجرة التعذيب أجابت على سؤال وجه إليها فإعترفت بأنها كانت صغيرة عندما ظهر الشيطان أمامها لأول مرة بشكل قطة في أبرشية "تورتيفال" عند عودتها من رعاية الماشية ، كان الوقت في وضح النهار فإنتهز الفرصة لكي يزين لها فكرة الإنتقام من أحد جيرانها الذي كانت تضمر له العداء بعد أن ألحق الضرر بماشيتها ، ومنذ ذلك الوقت بدأت تتشاجر مع أي أحد كان ، كان الشيطان يظهر لها بالشكل المذكور آنفاً وفي بعض الأحيان بشكل كلب ليغويها بأخذ ثأرها من كل من يتسبب بغضبها مقنعاً إياها بالتسبب بموت الأشخاص ومواشيهم .
ما هو الويتشكرافت ؟ وما هو الفرق بينه وبين السحر ؟
السحر بمفهوم الويتشكرافت هي حاله إنتشرت فى أوروبا فى العصور الوسطى و وصلت لذروتها فى القرنين ال16 و وال17 بعد عصر النهضه .
وكان الإعتقاد فى السحر و الساحرات ظاهره بشريه موجوده تقريباً فى جميع أنحاء العالم و فى ثقافات كثيرة تتمدد من أفريقيا لجزر الباسيفيك و من آسيا لأمريكا ، وقد ميز الأنثروبولجيين و السوسيولوچيين ما بين السحر بمفهوم ”الويتشكرافت” و الأنواع الأخرى من السحر ، و وضح الأنثروبولجى الكبير "ايفانز بريتشارد" في دراسه عن قبيلة الأزاندي إن الساحرات لديهم قدرات ذاتيه مولودين بها تمكنهم من أذية الناس ، وهؤلاء الساحرات لا يحتاجون لعمل طقوس معينة او ترديد كلمات وطلاسم أو أدوات لعمل السحر بل تكون مثل العين الحارة والنحس ، قدرات غير ملموسه .
العناصر المهمه التي تميز السحر وتشكرفة الأوروبى عن السحر بوجه عام هو أن جميع من أتهموا بالسحر كانوا أغلبهن نساء ، و وكانت لديهن قدرات شريرة من ذاتهم لسحر الناس و إيذاءهم ، وقد كانت النساء تطير في الليل على مقشه و وتقوم بزيارة إجتماعات للساحرات والتنانين تدعى السبت سبت ولديها قدرات ميتامورفوزية تجعلها قادرة على تحويل جسمها لأشكال كثيرة .
محاكمة سالم !
محاكمات السحر فى سالم هي محاكمات حدثت في قرية سالم فى أمريكا سنة 1692 لسيدات تم إتهامهن بالسحر وإنتهت المحاكمة بإعدام 19 سيده وموت إثنتين في السجن وواحدة أثناء التعذيب ، وعلى الرغم من أن التحقيقات تدعى بسالم نسبه للمكان التي حدثت فيه إلا أنها ايضا حدثت في مناطق أخرى مثل اندوفر في ماساشوستيس و ابسويش و مدينة سالم .
مع أواخر القرن ال17 زادت الهيستيريا للمحيط الأطلسي ووصلت إلى "نيو انجلاند" في شمال أمريكا حيث حدثت محاكمة سالم .
بدأ الموضوع فى بيت قسيس إسمه "صمويل باريس" ، كان رئيس كنيسة القريه ، فى بيت القسيس كانت تعمل خادمه سوداء من باربيدوس فى منطقة الكاريبى إسمها "تيتوبا" وقد كانت تحكي حكايات و قصص عن الساحرات و خرافات أخرى كانت قد سمعتها فى باربيدوس ، و الذي سبب المشكلة هي إعجاب البنات في القرية بتلك القصص حيث كانوا يتجمعون عندها لسماعها ولكن بعد عدة أسابيع بدأت عدة بنات بالشعور أن هنالك قوى خارجية تسطير عليهن ومع نهاية فصل الشتاء بدأت عوارض غريبة بالظهور عليهم وكانت عباره عن إهتزازات وآرتجاجات مثل الصرع والصراخ فجأة أيضا يقمن بأفعال غريبة ، وبعد إنتشار الخبر أن جميع تلك الفتيات تجمعهم تيتوبا وتم محاكمتها بالسحر وإحراقها ومن وقتها أي امرأة يتم الشك بها وإتهامها بالسحر والشعوذة يتم توجيه تهمة الإعدام لهم .
أشهر الساحرات في التاريخ :
1. كارين سيفنسدوتر :
في إحدى مدن السويد ، إدعت خادمة تدعى "كارين سيفنسدوتر' بأنها أنجبت 7 أطفال من ملك الجان ، وهو ما أدى إلى تعرضها للمحاكمة في عام 1656 بعد إعترافها بالتهمة التي كانت عقوبتها تعادل عقوبة إقامة علاقة شاذة مع الحيوانات في القرن السابع عشر بالسويد ، بعد إنتشار القصة لم يتم معاقبة المرأة وطلب القاضي من مسؤولي الكنيسة الصلاة من أجلها بدلاً من العقاب ، وبعد ذلك بفترة أقرت أنها لم تعد ترى الجان أو تتعامل معهم .
2. كايل ميري :
إمرأة هولندية عرفت بإسم "ساحرة رويرموند" تعرضت للمحاكمة بسبب أفعالها الشيطانية مثل أنها قامت بشل خنزير ومنع الحليب من التحول إلي زبدة وإصابة الأطفال بالمرض ، وبما أنها كانت تعيش في منطقة إسبانية هولندية ، كانت القوى في يد الأسبان وحاكموها بهذه التهم ، إلى أن قام المسؤولون الهولنديون بالإعتراض على المحاكمة إاتهام الأسبان بإتباع وسائل تعذيب لإنتزاع الإعتراف من المرأة ، تم تبرئتها من التهم المنسوبة إليها فيما بعد ، وبعدها بفترة وجدت جثتها في نهر "ماس" في ظروف غامضة !
3. إينجن جيليس :
إمرأة هولندية أخرى إعترفت بإرتكابها العديد من الجرائم مثل قتل الأطفال من أجل التواصل مع الجان ، تعرضت للمحاكمة عام 1613 ويعتبر هذا هو العام الأضخم في قضايا السحر في التاريخ الهولندي ، ووجهت لها المحكمة العديد من التهم هي و13 إمرأة أخري مثل التسبب في إصابة الأطفال بالمرض وقتل الحيوانات والعواجيز ، بعد ذلك زاد عدد المتهمين إلى 63 ساحرة حكم عليهن جميعاً بالإعدام نظراً للجرائم التي شاركوا في صنعها سواء بقصد أو دون قصد .
4. ماريت جونسدوتر :
ساحرة سويدية إتهمت بالعديد من القضايا الخاصة بالسحر حيث قيل أنها درست السحر لفترة طويلة وأثناء إستجوابها هي وعائلتها إعترفت أختها الصغيرة بأنها تذبح الأبقار في الليل من أجل أن تقيم علاقة غير شرعية مع الشيطان ، العديد من الشهود أكدوا رؤية أمور غامضة تتعلق بهذه الفتاة مثل أنها عبرت النهر بصحبة أخيها دون أن تمسها المياه ، تم إدانتها بالتهم الموجهة إليها بالسحر والشعوذة وتم قطع رأسها عام 1672 .
5. مالين ماتس :
ساحرة سويدية أحرقت وهي على قيد الحياة ، تم إتهامها بالقيام بأعمال شاذة وسرقة أطفال صغار لإستخدامهم في هذه الأعمال المشبوهة ، رفضت الإعتراف بتلك التهم ولكن صدر قرار بإعدامها عن طريق الحرق هي وأكثر من امرأة أخرى في ستوكهولم عام 1676 ، ويقال أنها لم تصرخ أو تبدي أي علامات على الشعور بالألم ، نظراً لأن الساحرات لا يشعرن بالألم أساسا ً.